يعيش مجتمعنا صحوة جميلة تجاه الاهتمام بالجسد والقوام الرشيق الخالي من الدهون والزوائد وبدأ إقبال الناس على النوادي الرياضية وثقافة المشي بازدياد حتى أصبحت لا تكاد تمر بمكان مخصص للمشي إلا وتجد الكثير من الناس ماشياً أو مهرولاً .. وأصبحوا يستخدمون البرامج التي تقيس السعرات وخطوات المشي اليومية .. إنه شيءٌ جميل فعلاٌ .. كم أتمنى أن تنتشر هذه الثقافة لدى الجميع وأن تشجع الدولة هذه الثقافة بتهيئة الأماكن العامة والحدائق بشكل مغري وصحي ..
قادني التأمل في هذا التغير المجتمعي إلى التفكير في موضوع البدانة وهل هو متعلق فقط بالجسد أم الروح أيضاً من الممكن أن تصاب به ..
نعم .. تصاب الروح بالبدانة حينما تتجرد من ميزات الروح الإنسانية وتقبع في ركن مظلم داخل النفس حيث لا أحد إلا هي .. وإن شئتم معرفة بعضٍ من صفات بدانة الأرواح إليكم أمثلةَ بسيطةً منها ..
حينما لا تمارس الروح رياضة الاهتمام بمن حولها أقارباً كانوا أم جيراناً أم أصدقاءً أم حتى غرباء .. وتظل في زاويتها المظلمة دون أن تتحرك نحو الآخرين .. ستكون حتماً روحاً بدينة ..
حينما لا تعرف الروح معنى التضحية بمصالحها ورغباتها وحظوظها لأجل أهدافٍ نبيلة أو أشخاصٍ يستحقون فهي بدينة .. معاني البذل والعطاء والتعب وبذل الجهد من أجل رسم ابتسامةٍ ليس لنا منها نصيبٌ دنيوي هي من المعاني الغائبة عن الروح البدينة أيضاً ..
حينما لا تعرف الروح أن تمارس “الصدق” و “الوفاء” و “الأمانة” و “الحب” و “الإخلاص” و “حفظ الجميل” و”حسن الظن” فهي حتماً تترهل بدانةً ستصيبها بالموت حتى وإن كان جسدها حياً يرزق .. الكبر والغرور والغطرسة واستحقار الآخرين والنظرة الدونية لهم من علامات التخمة المفرطة للروح ..
الروح البدينة لا تتذكرك إلا وقت حاجتها لك فقط .. تأخذ حاجتها ثم تدير لك ظهرها .. الروح البدينة ليس لها طموح لمعالي الأمور .. ليس لديها مشاريع وأهداف .. لا تسعى للتطوير نحو الأفضل وما أن تبدء مشروعاً أو خطة للتطوير إلا وتعود أدراجها راميةً بفشلها على الآخرين .. “لم يساعدوني .. لم يشجعوني .. لم يعطوني الفرصة … إلخ”
هذه بعض المظاهر ولكم أن تشاركوني بعضاً من المظاهر الأخرى ..
لنفتش في أرواحنا إن أردنا لها أن تحيا صحيحةً عن مثل تلك المظاهر وإن لم نستطع معرفتها واكتشافها فلنسأل من يحبوننا ونعتقد أن فيهم حكمةً وعقلاً ليرشدونا نحو تخمة أرواحنا التي يرونها فينا ..
لا أشك أنكم عانيتم في يومٍ من الأيام وربما لا زلتم تعانون من أصحاب الأرواح البدينة ..
يحدثني أحدهم أن له مجموعة من الأصدقاء كانوا لا يفترقون أبداً ويجتمعون يومياً لسنواتٍ طويلة فألمّت بهذا الرجل ظروف قاسية تمثلت في مرض أبيه مما اضطره أن ينقطع عن الناس ليلازمه واعتذر لأصدقائه وأخبرهم بظرفه .. استمر مرض والده عدة أشهر والمفاجأة أن أصدقائه طول تلك المدة لم يسألوا عنه أو يزوروا والده .. توفي والده بعد مرضٍ دام قرابة السنتين فلم يحضر للعزاء من أصدقائه هؤلاء إلا واحدٌ فقط !! والبقية ما بين معزٍ بالجوال أو بالواتس أب !! ” أصدقاء مقربون يا سادة ” !!! أي تخمةٍ وبدانةٍ حلت بهذه الأرواح ؟!!
المواقف والقصص كثيرة ولعلكم أيضاً تشاركونني بعضها مما عايشتموه أو مر عليكم ..
أعلم أنك تقول وأنت تقرأ .. وماذا بعد ؟ وما الحل والعلاج ؟
الحل يبدأ من ذواتنا .. بعرض أرواحنا على الميزان قبل أن نلتفت للآخرين .. وأن نمارس رياضة الروح قبل أن نطالب الآخرين بها لأن أسهل طرق الهروب من المشكلة هو إلصاقها بالآخرين ونحن بارعون بذلك بلا شك ..
والمهم بعد أن نصل بأرواحنا لمعدلاتٍ مرضية أن نحافظ على رشاقتها حتى لو كان من حولنا بدين الروح .. طبعاً .. فهل سمعتم يوماً بشخص رشيق القوام يريد أن يتخلى عن المحافظة على جسده لأن كل من حوله بدناء ؟!!
كم أتمنى أن نمارس رياضة الأرواح كما بدأنا بممارسة رياضة الأجساد فما أجمل الروح والجسد بلا بدانة ..
مبدع كالعادة
بكون باستمرار بشيك على المفضله لين ألاقي موضوع عن المرأة 😊
إعجابإعجاب
شكراً لك ، تشرفني متابعتك وأتمنى أكون عند حسن الظن .
إعجابإعجاب