بتغريدة حَلّل أزمة “داعش”

 

 

58207_large

 

كتب أحد الدعاة المشاهير والذي يحظى بشعبية جارفة تغريدة في تويتر مفادها ” أن سبب اتّباع شبابنا للرايات المغشوشة التي تدّعي نصرة الإسلام هو عدم اتخاذ العقلاء خطوات جادة توحي ببصيص أمل “

إن قضايا الأمة لم تتراكم وتتفاقم وأزماتنا لم تتكاثر وتصبح أكثر تعقيداً إلا بسبب هذه السطحية التي نتعامل بها مع القضايا المصيرية الحساسة .. ووصفت هذا التعامل بالسطحي لأنني أحسن الظن بهذا الشيخ وغيره من الغيورين وإلا فهناك من يتعامل مع قضايا الأمة بخبث وليس بسطحية لأجل مصالح شخصيةٍ أو أجندةٍ منظمة ..

لقد أثارت تلك التغريدة في نفسي غضباً شديداً .. وهي وإن كانت تشير إلى واقعٍ قد يكون صحيحاً نوعاً ما إلا أنه لا يعدو أن يكون عرضاً لمرضٍ .. وكأن ذلك الشيخ يعطي مسكناً لمن كسرت يداه ورجلاه ويأمل له الشفاء دون أن يجبر له كسره .. علاوة على ما قد يتوهمه البعض من أنها ( أي تلك التغريدة ) تبرير لجرائمهم وشرعنة لخروجهم ..

إن واقع الأمة الإسلامية والعربية اليوم يحتاج إلى نظرةٍ أعمق وإلى مبضع الجرّاح الخبير الناصح الذي يستطيع أن يحدد أماكن الورم في جسد الأمة فينتزعها .. حتى لو كان ذلك الورم في ” الرأس ” أو في أماكن ” حساسة ” ستجعل بعض الجماهير تثور على ذلك الجرّاح ..

يجب أن نكون أكثر جديةً وعمقاً وحكمة في تناول قضايانا الكبرى .. وأن ننزع عباءة ردود الأفعال المتسرعة ونبتعد عن الحلول العاطفية الشعبية وأن نتخلى عن حظوظنا الشخصية والمذهبية .. لأن ذلك كله إنما هو مخدرٌ يجعل الأمة لا تشعر بمرضها بينما هو يتضاعف أثنائه عشرات المرات ..

يجب على ذلك الشيخ وعلى علماء الأمة ومفكريها أن يتخلوا عن ذلك كله .. يجب أن يأخذوا الكتاب بقوة لا بهوى ولا مزاجية و أن يتتبعوا جذور مشاكلنا والبذور التي أنبتت بؤسنا بكل صدق وشفافية …. وأن يحملوا معهم الآلات والأدوات المناسبة لاقتلاعها لأننا حتماً سنجدها ضاربةً بعمق في جسد الأمة واقتلاعها لن يكون بالشيء الهين السهل ..

اعترف أن العملية ليست بهذه البساطة ولن تتم بهذه السرعة .. لكننا يجب أن نعترف أيضاً أنها بتلك الأهمية التي يجب إنجازها بأسرع وقت لأن ورم الأمة كبر بما فيه الكفاية فداعش اليوم ليست إلا تجليٍ لفكرٍ قبيح فت بعضد الأمة عشرات السنين ..وسيخرج منه عشرات الدواعش غداً وبمسمياتٍ مختلفة وباسم وتوقيع الأمة ..

أما الذين يبسطون المسألة ويهيمون بنظرية المؤامرة ويدّعون أن الأمة بخير وأن هؤلاء وأمثالهم لا يعدوا أن يكونوا صنيعة الأعداء و خطةً دخيلةً لإجهاض الحق .. فهؤلاء برأيي يمارسون نوعاً خطيراً من التضليل على الأمة كي لا ترى عوجها ومرضها ولا تستطيع حينها تشخصيه .. وحتى لو سلّمنا بتلك النظرية وكانت مؤامرةً حقيقية .. فَلِمَ نجد من يبرر لهم من أمتنا بل ويشاركهم وينظم تحت لوائهم !! حتماً هناك خلل منهجي عشناه سنين طويلة ولا زلنا نعيشه ونجني ثماره المرة .. حتى أدى بنا إلى ما نحن عليه اليوم من تأخرٍ في ركب الحضارة والقوة وحتى الأخلاق .

 

الجمعة 1435/10/19 هـ

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: