تقع الأزمات عند مفترق الطرق إشعاراً بتغيير في المسار وتبديل في الوجهة ولذا فالمسافر يحث السير حينما يكون على مسار ذو اتجاه واحداً لكن ما إن يصل إلى مفترق طرق إلا ويخالجه الشك والحيرة في أي الطرق يسلك فتقع الأزمة داخل عقله ، ومنه سميت أزمة منتصف العمر حيث الموعد مع حياة جديدة والكثير من القرارات التي تتسم بالنضج والرؤية الواضحة ، وفي دهاليز السياسة و شئون الدول لا يختلف الأمر إطلاقاً فما أن تقع أزمة سياسية إلا وتنبيء عن تغيير وتعلن عن مفترق طرق وكلما زاد اتساع رقعة التغيير زادت الأزمة اشتداداً ، واليوم في ظل ما يعيشه العالم من اضطراب اقتصادي وسياسي وأزمات هنا وهناك كان ولا بد أن يأخذ بزمام المبادرة القادة الأذكياء الفاعلون كي يتحكموا بمصير شعوبهم وينقذوا بلدانهم من أزمة مفترق الطرق .
لكن سلمان بن عبدالعزيز كان له رأيٌ آخر ، فما إن تولى الحكم إلا ووجد نفسه بلا مقدمات عند مفترق الطرق داخلياً وخارجياً ، إقليمياً ودولياً ، فاتخذ قراراً ” إما أن نكون أو لا نكون ” واستدعى من مخزون ذاكرته عبارة والده – رحمه الله – الخالدة “الحزم أبو اللزم أبو الظفرات، الترك أبو الفرك أبو العثرات” لتكون عنوان المرحلة .
لقد وقف سلمان بن عبدالعزيز عند مفترق الطرق فلم يجد طريقاً صالحاً للعبور ، وقرر أن يختطّ طريقاً جديداً فهو كقائد استثنائي لا يرغب بأن يفرض الواقع عليه طريقاً دون الطموح ، وهو بطبيعة الحال مدججٌ بكبار مهندسي المرحلة وعلى رأسهم الـ “محمدان” ، أما الطريق الجديد الذي أراد ملك الحزم والعزم أن يشقه بيديه فلم يكن طريقاً تقليدياً يراعي فيه شعبه وبلده فقط بل كان همه الذي أعلنه مراراً وتكراراً أنه يسعى لوحدة الصف ولنهضة واستقرار شعوب المنطقة وإخماد فتنة الإرهاب وإحلال السلام ، ومنذ أول يوم تولى فيه الحكم بدأ في الحراك ، داخلياً وخارجياً ..
فأعلن لشعبه أن المملكة ستلبس حلةً جديدة من النهضة عبر حزمة من القرارات السريعة والعاجلة فلا مجال لديه لأي تأخير أو تسويف .
وأعلن لأشقائه في الخليج أن وحدة الصف واتحاد الكلمة هي حجر زاوية المرحلة الجديدة فجمعهم بحكمة القائد الفذ ، ومد جسور المحبة والتواصل مع الشقيقة مصر ليقف مجلس نوابهم منتصبين مصفقين لحضوره بينهم .
وأعلن للعالم أجمع أننا شعوبٌ متى ما نهضنا من كبوتنا فلن يقف في وجهنا أحد فكوّن أكبر تحالفٍ إسلامي ممتثلاً الوصية الربانية ” وأعدوا” ليقف العالم كله على قدمٍ واحدة مشدوهاً ومترقباً .
وأعلن لكل من وقعت عينه على شبرٍ من تراب المملكة أو الخليج أو المنطقة أن عينه لا محالة ستفقأ وستكوى يده الممتدة بنار الحزم الذي لا هوادة فيه .
الأزمات لا تنتظر أحداً ، فمن يبتدرها ويلتقط الراية سيسير الجميع خلفه طواعية ، وما يلقّاها إلا من آتاه الله الحكمة وبُعد النظر ، إن ما فعله الملك سلمان بن عبدالعزيز لا يدرك حقيقته إلا الساسة المحنكون ، في ظل تعدد الجبهات وضغوط الصراعات في المنطقة ومحاولات الإخلال بالأمن والهجمات الإعلامية وتكالب المرتزقة وأصحاب المصالح إلا أن القائد سلمان بن عبدالعزيز بقي شامخاً صلب العود قوي المراس لتكون له الغلبة – بأمر الله – .